الخميس، 9 أبريل 2015

ملجأ

في ملجأك المظلم المكسو بالدخان ورائحة أوراق الكتب القديمة، حيث تجلس في زاويةٍ قائمة مقاومًا ألم ظهرك، وتكتب ما تراه وتظنُّه موجودًا، وتختلق وتنهي وتضع صفات كل شخصٍ عليه، في عالمك المسطَّر  الذي امتلأ بكتباباتك التي كتبت  بقلمٍ على وشك النفاد.
في هذا الملجأ نافذتان تُطلَّان على بستان جارك الفلاح، وعلى النافذتان ستائر تجعل الضوء يدخل برقةٍ ويدفء عظام جسدك البارزة التي نهشها البرد. وعلى السقف أضواءٌ يزيد ضوئها الباهت ملجأك كآبةً، وتقابل السقف أرضٌ مليئة بأوراق رسمت عليها رسماتك الميتة والمحرمة اللاتي حذروك من رسمها. ومكتبٌ يقابل الجدار الأيمن وتتكئ عليها ذرات الغبار تراكمت عليه منذ زمنٍ لم تعد تذكره، وبابٌ يعبر الكلام من تحته حتى تكاد أن تظن أنك من قاله وسرير قاسٍ لم تعد بالحاجة إليه لهروب النوم من عينيك. والملابس التي أصبحت تختفي بداخلها، والصور القديمة المعلَّقة على الجدران الأربعة، وتحتوي على الوجوه المجمَّدة على وضعيةٍ أبدية.
اختبئ أيها الوحيد من تعذيبك الشديد لنفسك، ومن الأيام التي تركض بجانبك بسرعة شديدة، حتى تجد نفسك جثةً متعفنة، في ملجأك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق