١.
بضع خطوات تفصله عن حبل المشنقة. يتأمل الحبل الخشن الغليظ قبل أن يمنعه الحراس من رؤية كل شيء. كم تمنى أن يموت فجأة ككل شخصٍ طبيعي؛ دون أي اهتمام متى سيموت. ولكن يعتبر نفسه محظوظًا لأنه يعلم أن هذه هي نهايته الأكيدة، دون أن يمضي طوال حياته بانتظارها.
لقد اقترب الوقت، ها هو يتنفس أنفاسه الأخيرة، وقد لف حول رقبته الحبل، يفر بما سُلب من حياته، مما قد سيعيشه من لحظات لو بقي حيًا. لا يعرف كيف يشعر الآن؛ يشعر بالسعادة ثم التعاسة ثم الخوف ثم لا شيء. لا يرى إلا البياض ولا يسمع إلا بضع صرخاتٍ متفاجئة. يشعر بشيءٍ يخرج ببطء من جسده الذي بدأ بالهلاك.
٢.
تأتي الجارية التي تجلس عند قدميه دائمًا، ومعها وعاءٌ صنع من الذهب الخالص، ملء بماءٍ نثرت عليه بعض الزهور التي قطفها الحارس من حديقة القصر. وبعد أن تغسل يديه بهذا الماء ثم تمسحهما. تجلب قرالكتاب الذي يكتب فيه دائمًا مع ريشةٍ ومحبرة وتقرب الطاولة التي جلبت له كهدية من أحد التجار. ثم يجلس منتصبًا ويخلع العمامة التي يتوسطها حجرٌ كريم. ويكتب بخط رفيع وسط الصفحة العاشرة "الحزن". و ما ان شعر بأن الجارية تراقبه حتى أمرها بالخروج. ونفَّذت ما أمرت به، وهي بالطريق إلى الخارج كانت تهمس لنفسها :"ذلك اللعين، يكتب عن الحزن! يا لذلك اللعين!".
٣.
هو كائنٌ هش وهزيل، وملك قلبًا متقلبًا في جوفه. يتذمر من كل شيء ثم يسب من يتذمر من كل شيء! يعرف كيف يفرق بين ما هو سيء و ما هو جيد كما علَّمه أباه. ولكنه لا يدرك أنه يعمل السيء لانشغاله بتأمل نصفه الجيد.
وإن كان لنقص الأشياء معنى، سيكون هو.
٤.
يجلس في غرفة المعيشة ويستمع دون اهتمام لوصايا أمه. كانت تقول:" ضرب اللوحة لن يجعلها أجمل. حفظ المعلومات دون فهمها لن يفيدك. الكسل سوف يجعلك متأخرًا. الأكل فوق طاقتك سيزيدك غثيانًا وتعاسة..." لم يستمع لباقي ما قالته فلقد خرج من عندها؛ لأنه اعتقد بأنها كانت تقول أشياء بديهية يسمعها منها يوميًا، لذلك لم يستمع إلى وصاياها. ولكن ما إن عاد إلى البت متأخرًا حتى وجده مظلمْا على غير العادة. لم يجد أحدًا فيه؛ لا أمه ولا صوتها المرتفع. لم يجد إجلا ورقة كتبت عليها:"لقد كانوا مختلفين. لقد كانوا مختلفين".
٥.
يبدأ بالخوض بالأشياء ظنًا بأنها سهلة وأنه سينهيها بنجاح. ولكن ما إن يبدأ فيها ويتخطى المراحل الأولى حتى يجد نفسه خاطئًا. يشعر بالندم لحكمه السريع على الأشياء وثقته الزائدة بنفسه التي باتت تضره أكثر من أن تنفعه.
يفعل كل هذا ناسيًا بالأمر الذي يجب عليه انهاؤه.
بضع خطوات تفصله عن حبل المشنقة. يتأمل الحبل الخشن الغليظ قبل أن يمنعه الحراس من رؤية كل شيء. كم تمنى أن يموت فجأة ككل شخصٍ طبيعي؛ دون أي اهتمام متى سيموت. ولكن يعتبر نفسه محظوظًا لأنه يعلم أن هذه هي نهايته الأكيدة، دون أن يمضي طوال حياته بانتظارها.
لقد اقترب الوقت، ها هو يتنفس أنفاسه الأخيرة، وقد لف حول رقبته الحبل، يفر بما سُلب من حياته، مما قد سيعيشه من لحظات لو بقي حيًا. لا يعرف كيف يشعر الآن؛ يشعر بالسعادة ثم التعاسة ثم الخوف ثم لا شيء. لا يرى إلا البياض ولا يسمع إلا بضع صرخاتٍ متفاجئة. يشعر بشيءٍ يخرج ببطء من جسده الذي بدأ بالهلاك.
٢.
تأتي الجارية التي تجلس عند قدميه دائمًا، ومعها وعاءٌ صنع من الذهب الخالص، ملء بماءٍ نثرت عليه بعض الزهور التي قطفها الحارس من حديقة القصر. وبعد أن تغسل يديه بهذا الماء ثم تمسحهما. تجلب قرالكتاب الذي يكتب فيه دائمًا مع ريشةٍ ومحبرة وتقرب الطاولة التي جلبت له كهدية من أحد التجار. ثم يجلس منتصبًا ويخلع العمامة التي يتوسطها حجرٌ كريم. ويكتب بخط رفيع وسط الصفحة العاشرة "الحزن". و ما ان شعر بأن الجارية تراقبه حتى أمرها بالخروج. ونفَّذت ما أمرت به، وهي بالطريق إلى الخارج كانت تهمس لنفسها :"ذلك اللعين، يكتب عن الحزن! يا لذلك اللعين!".
٣.
هو كائنٌ هش وهزيل، وملك قلبًا متقلبًا في جوفه. يتذمر من كل شيء ثم يسب من يتذمر من كل شيء! يعرف كيف يفرق بين ما هو سيء و ما هو جيد كما علَّمه أباه. ولكنه لا يدرك أنه يعمل السيء لانشغاله بتأمل نصفه الجيد.
وإن كان لنقص الأشياء معنى، سيكون هو.
٤.
يجلس في غرفة المعيشة ويستمع دون اهتمام لوصايا أمه. كانت تقول:" ضرب اللوحة لن يجعلها أجمل. حفظ المعلومات دون فهمها لن يفيدك. الكسل سوف يجعلك متأخرًا. الأكل فوق طاقتك سيزيدك غثيانًا وتعاسة..." لم يستمع لباقي ما قالته فلقد خرج من عندها؛ لأنه اعتقد بأنها كانت تقول أشياء بديهية يسمعها منها يوميًا، لذلك لم يستمع إلى وصاياها. ولكن ما إن عاد إلى البت متأخرًا حتى وجده مظلمْا على غير العادة. لم يجد أحدًا فيه؛ لا أمه ولا صوتها المرتفع. لم يجد إجلا ورقة كتبت عليها:"لقد كانوا مختلفين. لقد كانوا مختلفين".
٥.
يبدأ بالخوض بالأشياء ظنًا بأنها سهلة وأنه سينهيها بنجاح. ولكن ما إن يبدأ فيها ويتخطى المراحل الأولى حتى يجد نفسه خاطئًا. يشعر بالندم لحكمه السريع على الأشياء وثقته الزائدة بنفسه التي باتت تضره أكثر من أن تنفعه.
يفعل كل هذا ناسيًا بالأمر الذي يجب عليه انهاؤه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق