الجمعة، 6 فبراير 2015

اليوم

كم تمنَّيت أن تكون معي؛ من لحظة خروجي حتى عودتي، لأوثِّق بك كل شيءٍ رأيته أو شعرت به، بلغتي وأحرفي، بكلتا يدي؛ لكي املأك بكلماتٍ قد لا تبدو مفهومة لغيرنا. ولأنك لم تكن معي، سأخبرك بكل شيء. خرجتُ بعد سماعي للنِّداء الأوَّل، لم أخرج بسرعة؛ لأني كنت منهمكًا بفعل شيء نسيت ما هو، ولكن بالنهاية خرجت، بقدماء المبلَّلتان والمشوفتان.
هل خرجتُ بكامل إرادتي؟ برغبةٍ سابقةٍ مني؟
لم أكن مستعدًا لهذا الإتِّصال، ولكني أعلم بأن الأمر سيتنهي ككلِّ مرة؛ بأن أن أكون نادمًا لأني لم أنتبه، لانشغالي بأشياء كنتُ أهرب منها، لمحاولتي بانقاذ نفسي من قسوتي. استغربت من منظر الشَّمس، وهي مختبأة خلف الغيوم، يجدر بها أن تكون ساطعة اليوم ومتسلِّطة على كل شيء. لا أعلم لماذا تبدو صافية ومتلألأةً اليوم، كان الجو ساحرًا!
برداءٍ أصفر رأيت رجلًا يلعق وعاءً قديمًا، تعجَّبت مما فعله، ولكن لم أقف لاسأل.
أكملت مسري.
عندما اقتربت من البيت، نادى شخصٌ النداء الثاني، بصوتٍ متعب وشاب، وهذا يعني أن وقت الاجتماع قد حان. مرَّ اثنان من أمامي متجاهلين البيت والنداء ومن ينادي، وددت ان اسألهم "الا يمكنكم رؤيته أو حتى سماعه؟ ولكن لم اسأل.
دخلت؛ مرتبكًا. لم أكن متأخرًا أو مبكرًا. حصل ما كنت أتوقعه، فعلت كل شيء من غير إدراك أو طلب أو أي شيء، سأحاول المرة القادمة. خرجت بسرعة، محاولًا اللحاق بالرياح ومنظر الحي القديم، لم أرد أن تفتني فرصة رؤية تفاصيل وأبواب كل بيت، الذي ترك الزمان والغبار أثرًا عليهم. سحرني الجو،والنَّاس وكل شيء كأني أراهم للمرة الأولى، لم أرد أن أرجع لمسؤولياتي، لهمومي وأفكاري، أردت أن أعيش لحظةً أخرى مع كل شي. مشيت، ملقيًا التحية على شخص ممرت به، ملامح الفرح واضحةٌ على وجهي، وأن ذلك اليوم كان يستحق الفرح من أجله.
رأيت شيئًا، كم اشتقت اليه، أخذته ولم أدع الشعور بالذنب يغلبني ككل مرَّة، معللًا  فعلي بأن نفسي لها حقٌّ علي. لم أرد العودة، أردت أن أجلس خارجًا، لآكل وأرى تحرُّكات من حولي، فعلت هذا ولكن لم أطل البقاء، لكي أعود إليك وأخبرك، حتى لا أنسى ما حدث.
ها هو، ينادي مرةً أخرى ولكن بصوتٍ مختلف. أعدك بأني سأحاول هذه المرة، لكن لا أعلم إذا كنت سأعود لك أم لا، لأقول لك ماذا سيحدث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق