بصري يضعف أنا متأكد من هذا، لقد أصبحت أرى أشكالًا سوداء بدلًا من وجيههم، هل هذا تمهيد لي لمعرفة الحقيقة التي أريد أن أعرفها و لكن كنت أتجنب مرارتها؟
وجه أمي لم يعد وجه أمي، أصبح شفافًا بلا ملامح. لا أريد زجاجًا على عيني كي أرى . لا أريد أن أُلصق بوجهي شيئًا زائدًا. أحاول بفشل أن ألحق بالجماعة دون أن أتعرقل بأحذيتهم المتروكة على كل رصيف. لم تكن أحذية بل صخورًا، لست متاكدًا من ذلك! أصبح لي تابعٌ يمسك بي و يشدني إذا قاربت من الوقوع. و لكن، في ليلة نمنا بجانب عرينٍ لوحشٍ قد يفترسنا، أخبرت التابع ثلاث مرات بأن لا يدخل و يوقظ من بداخله، و لكن ما إن أغمضت عيناي حتى دخل بيديه العرين المظلم و بدأ بلمس الوحش المرقَّط. كم بدا ضعيفًا و هو نائم، و لكن ما إن استيقظ حتى وقف على قامته الواحدة التي لا يمتلك غيرها و أصبحت قبضته أصلب من الصخر. و لكن، أدرك الأمر حينما توقف عن لمسه و خرج بيديه من الظلام الذي لم أكن أرى شيئًا غيره عندما كنت أرتعد من الخوف بجانبه ظنًا بأني سأؤكل، ثم حط بيديه على كتفي و طمأنني بأن الوحش عاد لسباته، وأنه لا يجب علينا أن نوقظه حتى لو دفعنا الفضول إلى ذلك؛ ثم أخبرني بكل شيء عنه كما ذكرته سابقًا. و لكن يا بصري وعدت بأن أجعلك أقوى، أخبرتني العجوز التي تجلس وحيدة تعد أحجارها بأن أجلس تحت ظل يلتهب؛ لم افهم ما قصدت بوصفها الذي لا يفهم. و لكن، تابعي أخبرني بأننا نجد ما قالت لنا عنه عند عرين وحشٍ آخر بعد أن فشلنا بإيجاده عند هذا الوحش.
و نحن بالطريق سألته: لماذا أنت معي الآن و ليس في أي مكان آخر؟
قال التابع: أولًا: شكل السيدة التي تحمل رضيعها بين يديها عند باب المسجد كلما مررت بجانبها دون أن تعطيها أي نقود أصبح يؤلمني. و ثانيًا:الأموال التي يعطيني إياها أباك حتى أصبحت عينيك التي ترى بها.
تفاجأت من جوابه؛ كان وقحًا و لكنه على الأقل ساعدني، ليس شفقةً علي بل من أجل المال. و لكنه بالنهاية ساعدني.
رددت عليه: و ماذا إن أخبرت أبي بما قلته لي الآن؟
قال: سأُخرجُ عينيك من مكانهما و آخذ المال و أبتعد، و أجعلك أعمى ليس ذو بصرٍ ضعيف قد يعود إليه بصره.
كل شيء يفاجئ؛ ما إن تصبح عاجزًا لست قادر على حمل نفسك حتأ تكون معرضًا لكل خطر. الحقيقة عرفتها و اكتشفتها و كانت واضحةً و لكن لم أنتبه لها؛ لأنني كنت سويًا من غير مرضٍ و لا علة. و لكن، ما إن سقطت حتى تخلى عني الجميع؛ حتى أبي باعني بأمواله للتابع القاتل. و أمي بوجهها الذي لم أعد أميزه رحلت نحو الشمل؛ حيث لا صوت و لا شكوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق