الخميس، 9 يوليو 2015

قلوبهم شتى

ما كانت الحديقة التي أمضوا فيها معظم لياليهم إلا وهمًا جلسوا على عشبه و استنشقوا عبق أزهاره و حلقوا مع الطير المحلقة حوله. و لكن، ما إن أتت الرياح من الشمال البعيد؛ محمَّلة بذرات الغبار المزعجة و الخفية حتى هربوا إلى منزلهم ذو الجدران المبنية من الزجاج الهش؛ على أركان مائلة. ثم بدأ كل واحد منهم بالإنتشار إلى الأركانك كل لوحده، لا يشارك الآخر بأي شيء. كانوا مليئين بأنفسهم. بدأت الرياح تضرب بقوة على النوافذ و تطلق أصواتًا أخافت الجدة، و لكنها أسعدت حفيدتها المراهقة التي ذكرتها بالأيام التي كانت تمضيها مع صديقها شابكة يدها بيده و هم يشاهدون الأفلام التي لم تكن تهمها مثل النظر إلى عينيه. مضت ثوانٍ حتى تذكرت عندما رأته يومًا يقدم لصديقتها المقربة خاتمًا و حلوى حتى تمنت أن تخنقه الرياح و تراه جثة جانب الحلوى المتعفنة.
و كانت الأم خائفة من أن يكون السبب هو الأعداء المحاربين و لكن قال لها ابنها:"لا يا أمي، لا أحد يتحكم بالرياح إلا الله"، نعم لم يكن لها اسم؛ منذ أن بلغت الثالثة عشرة و هي تسمعها، "أمي"،حتى أولادها لا يعرفون اسمها أو من هي، إلا من يطبخ الطعام و يجلب الدواء.
و ما ان بدأ الابن الأوسط بالبكاء بخشوع و هو يدعو الله بأن تتوقف الرياح حتى يستطيع السفر، و لكن كيف لله أن يستجيب  له الدعاء و هو لميقدم شيئًا و لم يذكره حتى و لو قليلًا؟ هذا ما سأل به نفسه، ثم أضاف: و لم أصلي! و كيف للمرء أن يصلي أساسًا؟!
أما الابنة الكبرى كانت مريضة جدًا و نائمة و لم تستمع للرياح و طلبها لهم بأن يخرجوا من منزلهم الذي قارب على الانهدام.
و كان الأب مشغولًا في ذكر الأشياء التي منعته الرياح من إنجازها، ثم يتحسَّر.
هكذا كانوا متفرقين دائمًا حتى و لو اجتمعوا تحت سقفٍ واحد، و إن كان على وشك السقوط!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق