الجمعة، 23 أكتوبر 2015

الصدف تغيِّر الكثير

مشى أحمد إلى مقر عمله رغم أنه يمتلك سيارة، و لكنه أراد أن يستمتع بنسمات الصباح التي كانت اليوم أكثر برودة من العادة، و الشوارع لم تكن مزدحمة؛ لأنه خرج مبكراً اليوم، و عند نهاية الشارع رأى طفلاً جالساً على الرصيف سانداً رأسه على نافذة أحد المحلات حاملاً لوحةً كُتب عليها:"أطعمني يرزقك الله". التف أحمد خلفه و لكنه لم يجد أي مكان لبيع الطعام في هذا الشارع الذي بدأت الزهور المعلقة على البنايات المطلة عليه بالذبول.
أراد أن يشتري له القليل من الطعام، و لكنه خشي أن يتأخر على عمله، فأعطى الطفل المال.
بدأ أحمد عمله بجهد، رغم أن وقت الدوام الرسمي لم يبدأ بعد. كان يوماً عادياً آخر، بدأ الموظفون عملهم كالمعتاد، حتى أنهم بدوا كالآلات المبرمجة. يعملون، يشربون القهوة، و يتحدثون قليلاً، و يتبادلون أخبار العالم التعيسة، دون أن يبدي أي أحد منهم الشفقة، كأنهم اعتادوا على سماعها. عندما خرج أحمد من باب البناية التي يعمل بها، و بعد أن تعرَّض للشمس، شعر بأن أشعتها كانت تعانق كل جزء من جسده، و أن الشمس ليست فقط مصدر الضوء و الدفء نهاراً، و سبباً في إنارة القمر ليلاً، بل هي سبب ابتهاجه، و دفء قلبه.  بالطريق إلى بيته عبر الشارع الذي رأى الطفل جالساً على رصيفه، و لكنه لم يجده. تمنى أن يكون بخير و أنه حصل على الطعام الذي أراده.
وجد شهيته مفتوحة للطعام عندما وصل إلى بيته، لدرجة أنه بدأ يأكل بسرعة ملحوظة، حتى بدأ ابنيه علي ، و مهند بالضحك عليه. أشعره كل هذا الأكل بالنعاس فقرر أخذ قيلولة، رغم أنه لا ينام في وقت الظهيرة بالعادة. استلقى على الأريكة ، و نام.
رأى بالمنام جبالاً من بقايا الأكل، و كل جبل كان محاطاً بالقمامة، و بين كل جبلين كان هناك رجل يبكي. بينما كان يمشي، كانت بقايا الأكل و الجبال تقلان تدريجياً، حتى وصل إلى أرض لا يوجد بها إلا مجموعة من الرجال يبكون. تردد قليلاً قبل أن يسأل أحدهم عن ما يحدث، و لكنه بالنهاية فعل. قال له أحد من الرجال:"الجبال التي رأيتها بالبداية هي بقايا الطعام التي كانت أفضل مما يأكله الرجال عادةً، و القمامة من حولها هي ما يمنعهم من أكلها. أما نحن هنا فعلى..." بدأ بالبكاء بحرقة من جديد،و لكنه أكمل قائلاً"لا تلمني يا أخي، فكل هذا من الجوع، أصبحت مجموعة من العظام الهشة المتكوَّرة على نفسها. نحن هنا لا نمانع أكل أي شيء".
أشفق على حالهم، ثم سأله:"لماذا لا تذهبون هناك و تأكلون كما تريدون؟"
فأجابه:"بعد كل هذا الارتحال، أصبح من الصعب العودة"
تركه أحمد، و مشى بعيداً. لمح جسداً. لم يدري إذا كان رجلاً آخر أو سراباً. توجه إليه، و اكتشف أنه الطفل الذي رآه اليوم! و ما إن اقترب إليه، حتى سأله مباشرة:"كيف يمكنك يا سيدي أن تأكل كل هذا الطعام و تنام من التخمة، و أنا أتضور جوعاً هنا؟"
فاستيقظ أحمد، و شعر بالثقل. نظر إلى جسده الممتلئ، و شعر بالقرف من نفسه، و آلمه ما رآه. قام ببطء، و مشى ببط. كأن كل شيء بالكاد يسير. تنهَّد عندما وصل إلى الحديقة. كان يشعر بالاختناق، ملأ رئتيه بالهواء مجدداً. وعد نفسه بأن لا يأكل إلا إذا شعر بالجوع حقاً، و أن لا يأكل إلا على قدر حاجته. سار للمكان الذي كان تجلس به زوجته سارة، و علي و مهند. جلس مباشرة دون أن يلقي التحية عليهم. شعرت سارة بأن هناك خطباً ما، و بعد مدة سألته، و لكنه تعذَّر بضغوطات العمل. قام كي يلعب مع علي و مهند، "كان مجرد حلم عن غريب رأيته بالشارع. ليس بالأمر المهم"  هذا ما قاله، و نسى الأمر تماماً، و عاد إلى طبيعته.
عندما حان وقت النوم، قبَّل علي و مهند، و ذهب مع سارة إلى غرفتهما. كان الجو بارداً؛ فأقفل النافذة بإحكام و أحضر غطاء له و لسارة. بدأ بالتقلب، و كلما راودته فكرة عما رآه اليوم، يقول لنفسه مباشرة:"حلم. كان مجرد حلم". وجد نفسه غير قادر على النوم و نسب ذلك لقيلولته. قام و أخذ كتاباً لهيرمان هسه، الذي بدأ بقراءته منذ يومين. لا يزال يقرأ القصة الأولى تحت عنوان "أحلام الناي". كم ذكَّرته قصة الفتى الصيني الذي لم يترك له أبوه إلا الناي، و رحلته مع الرجل الفريد على القارب بما جرا له اليوم. انغمس بقراءة القصص، الواحدة تلو الأخرى. قبل أن يبدأ قراءة القصة الأخيرة نظر إلى الحائط، كانت عقارب الساعة تشير إلى  الساعة الواحدة صباحاً. أمضى ثلاثة ساعات جالساً يقرأ دون أن يغير حتى وضعية جلوسه، أخذته أحداث القصص، وشخصياتها إلى عالمٍ آخر. كم يمضي الوقت بسرعة، كأنه يتسرب من بين أيدينا دون أن نلاحظ عند فعل ما نحب. لكن، أحياناً نشعر بأنه يتوقف، و يمضي بثقل كأن الدقائق أصبحت أعوام.
"على القصة لأخيرة أن تنتظر للغد" قالها و هو يتمدد، كان يشعر بالدفء، و بالسعادة لسبب لم يكن يعرفه. بعد ساعات استيقظ على أذان الفجر، و كالعادة أمضى وقتاً طويلاً بالتكاسل، و لكنه بالنهاية قام. عندما فتح الباب الخارجي صفعته الرياح الباردة؛ فأقفل الباب بسرعة، ثم ذهب لإحضار معطفه. مشى بسرعة. كان يشعر بالبرد، و النعاس، و هذا أسوأ ما يمكن أن يشعر به المرء. وصل إلى المسجد، و جد المؤذن، و الإمام، و بعض جيرانه الذين لا يعرف عنهم شيئاً. كان يعتقد أنه من المهم فقط معرفة أشكالهم، و ملامحهم؛ كي يلقي التحية عليهم إذا قابلهم صدفة بالشارع. صلى تحية المسجد، و أنهى الركعة الثانية على الاستعجال؛ لإقامة الإمام للصلاة. بدأ صلاته بكل تركيز، و لكن بعد دقائق وجد الإمام يسلِّم. لام نفسه، و وعدها بأن يركز بالصلاوات القادمة، كالعادة، و لكن عندما تأتي المرة القادمة سوف يبحر مع أفكاره بعيداً. استغرب كيف يمكن لجسده القيام بالحركات دون أن يشعر بها! فهم الآن معنى "عبادة أهل الغفلة عادات".
عندما وصل إلى بيته، خلع معطفه، و راقب من النافذة. حاكت الشمس أشعتها بظلمة الليل، حتى ملأت المدينة نوراً. يمكنه أن ينام لمدة ساعة إضافية. قبل أن ينام تحقَّق من مهند و علي، ثم ذهب إلى غرفته و تحقق من سارة، ثم نام.
رأى نفسه نائماً في كهف، و عليه فرو دب ناصع البياض. قام و أزال الفرو عنه، و خرج. تسلق الجبل الذي يوجد به الكهف نزولاً ببطء. كانت الرياح باردة للغاية، حتى شعر بأنها تخترق عظامه. لمست قدماه الأرض فوقف مباشرة. كان كل شيء أبيض. الأرض، الشمس، و السماء. "كيف يمكن للشمس أن تكون بهده البرودة؟" سأل نفسه.
مشى بعيداً حتى سمع صوت أناس يصرخون. حاول الوصول للمكان الذي يصدر الصوت منه. وصل أخيراً فوجد بحيرة فيها أناس يغرقون، ثم يخرجون كي يطلبوا النجاة. أطفال، نساء، و رجال يغرقون، و ما من منقذ. بعضهم لم يكن يفعل أي شيء، كانوا واقفين دون أن يغرقوا. كانت ملامحهم تبدو أقسى من المناخ. اقترب من الحافة، و حاول أن ينقذ امرأة. عندما خرجت سألها عن هذا المكان، و لكن لم تستطع إجابته لأن كل شيء في جسدها كان يرتجف. جعلها تجلس بجانبه، و عندما ارتاحت سألها مرة أخرى.
"نحن هنا نموت من البرد. قدمت مع أهلي منذ يومين."
"و لكن من هم الناس الذين لا يفعلون أي شيء؟" سألها.
"قدموا منذ زمن بعيد، و اعتادوا على القسوة المناخ و الظروف. لم يعد يعني الأمر لهم الكثير".
"و لكن لماذا لا تخرجون إلى مكان آخر؟" سألها.
"و إلى أين نذهب؟ فقدنا منزلنا. البرد في البحيرة  أهون  من أي مكان آخر في هذا الجحيم الأبيض. على الأقل من السهل الحصول على السمك، و الماء".
استغرب من اعتقادها و تركها. رآها تعود مرة أخرى للبحيرة. مشى حولها. وجد طفلاً تغطي الطحالب وجهه. ذهب لينقذه. سحبه للخارج و أزال الطحالب عن وجهه. "كيف يمكنك يا سيدي أن تنام في دفء، و أن تقفل النافذة بإحكام منعاً من دخول الرياح الباردة عليك، و أنا هنا أموت من البرد؟" لم يقل أي شيء آخر. ركض إلى البحيرة، و حاول أحمد اللحاق به و هو يسأله:"من أنت؟ من أنت؟"
قام أحمد، و لم يجد سارة بجانبه. "كيف يمكن أن أتنعم أنا هنا في هذا الدفء و غيري يموت؟" سأل نفسه. كاد أن يبكي، و لكن علي دخل عليه و أخبره بأن الإفطار جاهز.
ذهب و أكل معهم. "سأذهب للعمل مشياً اليوم."
"ماذا؟! تمتلك سيارة، و ترغب في الذهاب بهذا الطقس مشياً! يا للعجب!" قال له مهند.
"إن لم تتوقف يا مهند سوف أجعلك تذهب معي." قال له أحمد.
"و لكن الطقس بالفعل بارد جداً اليوم." قالت سارة.
"لا يهم! هذا قراري و على الجميع احترامه! الملايين غيرنا يموتون من البرد، و نحن لا نستطيع احتماله و لو ليوم؟!" قال لها أحمد، ثم قام و خرج.
"ما خطب أبي؟" سأل علي سارة.
"ضغوطات العمل. أنتم بالفعل لا تقدرون أحد في هذا المنزل، و لا حتى ما نقدمه من أجلكم. لا تقدموا الاحترام الكافي لي، و لوالدكم!" تركت سارة طعامها و ذهبت لغرفتها.
"يا لغرابة هذه العائلة!" قالها مهند، ثم أضاف:"وصل الباص. قم هيا سوف نتأخر." قال لعلي.
ذهبا و أخبرا سارة بخروجهما.
لم يشعر أحمد بهذا البرد في حياته من قبل. كان إذا شعر بهذا البرد من قبل وجد طريقة لتدفئة نفسه. عنما وصل إلى باب البناية، وجد زميلاً ثرثاراً له. قال عندما رآه:"أحمد، هل جننت؟ كيف ترتدي سترة خفيفة و تأتي سيراً على الأقدام في مثل هذا الطقس؟! اوه، أعتقد أنك لم تكن تعرف التغير المفاجئ الذي حصل. مَن مِنَّا توقعه أساساً؟ كان الطقس حاراً بالأمس، و اليوم أكاد أن أتجمد..."
قاطعه أحمد و قال:"لا، أنا متعمد. يستحقون مني هذه التضحية التافهة التي لا تذكر. يوم واحد من البرد لن يضر أحداً." تركه و دخل بسرعة.
لم يأتي المدير بعد، و لذلك لم يتم توزيع الأوراق التي يجب العمل عليها. جلس ينتظر. مكتبه كان هدئاً، أما مكتب زميله الذي كان أمام مكتبه، كان مليئاً بصخب الموظفين. أحاديثهم المعتادة لم تتغير، و لكن أضافوا عليها استنكارهم من الطقس. رأى أنواع الطعام على الطاولة، لم يلاحظها من قبل. كان يأكل منها معهم بطريقة معتادة، دون القلق بمقدار ما يأكله، دون الشعور بالامتنان لوجود هذه النعمة. بدأ الشعور بالذنب يتسلل إليه كما فعل بالأمس، و لكن قطع هذا الحبل المتسلل بقوله:"لم أعد آكل بالطريقة التي اعتدتها، و لم أتدفى عندما استطعت. أنا بالتأكيد بمنعي كل هذه الأشياء عن نفسي أقل أنانية من جميع الموجودين."
أتى المدير أخيراً، و انهالت عليه الأوراق بحجة أنه من أكثر الموظفين كفاءة. لم يمانع هذا مطلقاً؛ لأنه كان يريد تجنب الأحاديث المكررة و المملة من قبل زملائه. فقد الرغبة بالحديث، أو شرح نظرته لأي شيء، رغم أنه كان سابقاً يجادل أي أحد يخالف رأيه. لا يريد أي شيء الآن سوى الانشغال بأي شيء و الابتعاد عن كل شيء يحيط به. لم يلاحظ السعال الذي أُصاب به؛ لانشغاله بالعمل، و لكن الصداع الذي شعر به لم يكن محتملاً، فاضطر للراحة قليلاً. انتهى وقت عمله، فطلب من زوجته المرور عليه لعجزه عن المشي في هذه الحالة. عندما ركب السيارة، كانت زوجته مشغولة بالتحدث على الهاتف مع علي، و عندما انتهت، و رأته بهذه الحالة سألته عما أصابه أجاب قائلاً:"لا شيء. لم أحظ بقسط كافٍ من الراحة بالأمس."
"أوه، و كيف لي أن أسأل؟! أصبت بهذا بسبب مشيك صباحاً دون ارتداء ما يكفيك من الملابس ليشعرك بالدفء في مثل هذا الطقس. لم يكن يجدر بي أن أتركك تفعل ذلك." قالت سارة.
لم يتحدث أحد منهما إلى الآخر، و حلّ الصمت قليلاً، مما أشعر أحمد بقليل من الاسترخاء. بالنهاية تحدثت سارة:"يجب أن نذهب للطبيب حالاً."
"لا، سوف أشعر بالتحسن عما قريب. لا داع للقلق، لا أحتاج سوى القليل من الراحة."
عندما وصلا إلى البيت، ألقى أحمد التحية على ابنيه، و توجه مباشرة إلى الغرفة دون أن يتناول حتى طعام الغداء.
"لمَ لا يأكل أبي معنا؟" سأل مهند.
"إنه مريض و متعب جداً." أجابت سارة.
نام أحمد حالما ما وضع رأسه على المخدة. لم يرى أي شيء، أو يشعر بأي شيء. استيقظ بعدها بأربع ساعات، و لم يكن ليفعل هذا لولا الصداع الذي بات لا يحتمل. نادى زوجته. لم تجيب. نادى مرة أخرى بصوتٍ أعلى؛ فأتاه علي راكضاً، و قال له:"أبي،هل تحتاج شيئاً؟"
"سارة. أين سارة؟" سأله أحمد.
"أمي بالمطبخ تعد العشاء. هل تحتاج شيئاً منها؟"
"أخبرها بأن تأتي بسرعة."
"حاضر." أكملها علي و هو يركض على الدرج متجهاً إلى المطبخ.
عندما وصل علي إلي المطبخ بدأ يتكلم بسرعة  بكلام غير مفهوم، قاطعته سارة قائلة:"ما خطبك يا ولد؟ اهدأ. لا أستطيع فهم أي كلمة مما تقول."
"أمي، أبي يناديك، و يريدك أن تأتي بسرعة. لا أعلم ما به، و لكنه يبدو متعباً جداً."
أسرعت سارة إلى الغرفة، و عندما دخلت عليه قال:"سارة، أخيراً أتيتي. هذا الصداع يكاد أن يقتلني. رأسي سوف ينفجر. أحتاج أن أذهب للطبيب حالاً."
"حسناً. حسناً. هيا قم. على مهلك سوف أساعدك." سحبت معطفه و معطفها من الخزانة و اتجهوا نحو السياة بسرعة.
كانت سارة تريد معاتبته، و تذكيره بأنها نصحته بأن يذهب للطبيب، و لكنه لم يستمع لها. لكن فضلت السكوت.
فحص الطبيب أحمد مباشرة فلم تكن العيادة مزدحمة. سأله عما يشعر به، و أخبره بأن لا يقلق. وصف له بعض الأدوية، و أمره بشرائها من أقرب صيدلية.
كانت الصيدلية التي تقع أسفل العيادة مغلقة؛ فاتجهوا إلى صيدلية أخرى. كانت جميع الأدوية متاحة عند الصيدلية الأخرى. لم يصبر أحمد حتى يصل إلى البيت. أخذ الكمية التى أوصى بها الطبيب من الدواء.
بعد مدة شعر بتحسن، و لكنه ما زال يشعر ببعض الإرهاق. أغلقت سارة الأنوار عليه و خرجت ببطء عندما نام دون شعور.
لم يكن نائماً براحة كما كان يبدو عليه، كان يستيقظ كل ربع ساعة، و ينظر حوله، ثم يعود للنوم مرة أخرى.
نام أخيراً. رأى نفسه في غرفةٍ واسعةٍ، و متسخة ممتلئة بسرر متقابلة، ينام عليها مرضى لا تصدر منهم أي حركة أو صوت.
ثم دخل من الباب خمسة نساء، مرت من جانبه واحده و جعلته يرتدي الكمامات، ثم أمرته باللحاق بها. اتجهوا جميعاً نحو  آخر الغرفة، حتى وصلوا بجانب امرأة كانت تتنفس بصعوبة شديدة، حتى توقفت عن التنفس. لونها بدأ يتحول للأزرق. لاحظ أخيراً أن كل وجوه المرضي يعتليها لونٌ أزرق باهت.أخبرته إحدى النساء بأن يضغط على مركز صدرها كي ينقذها قبل أن
تموت. حاول، و حاول، و لكنه لم ينجح بالنهاية.
سأل المرأة التي جعلته يرتدي الكمام عن هذا المكان، و المرضى الموجودين. "هذا هو آخر مستشفى بالعالم، و كما ترى هؤلاء هم المرضى الذين نستطيع الوصول إليهم، و أغلبهم مات؛ لعجزنا عن إنقاذه، و عدم وجود طبيب. نحن  الممرضات الوحيدات هنا، و لم نلقى حتى التدريب المناسب." أجابته.
أتت ممرضة مسرعة إليها قالت:"الطفل الأخير، بدأ يفقد الوعي. آمل أن نستيع إنقاذه."
أسرعوا جميعاً إليه، كان أحمد موجوداً بالأخير. وقفوا جميعاً بجانب الطفل، الذي ذهل أحمد من أنه موجود. قال له بصوت خافت:"كيف؟ كيف يمكنك يا سيدي أن تتلقى العلاج، و أنا هنا أموت و أحيا...أموت و أحيا من المرض؟" ثم توقف عن الكلام و أغلق عنيه اللتان لن تريا النور مرة أخرى.
لم يستمع إلى أصوات الممرضات عندما كانوا يصرخون بجانبه و يطلبونه أن ينقذه، و لكن لمفاجأته لم يسمع أي شيء غير ما قاله الطفل. غضبت إحدى الممرضات، التي لم تكن موجودة في الغرفة عندما حاولوا إنقاذ آخر طفل، و عجزوا عن ذلك؛ دفعت أحمد بقوة؛ ففقد وعيه.
استيقظ. قام بسرعة، بدأ بالبكاء. رمى كل الأدوية من النافذة، و قام بالصراخ، و طرح الأسئلة:"لماذا أنا؟ لماذا أنا؟ ما هذه الأحلام؟ ما هذا الظلم؟" قامت سارة بسرعة، و هدأت من روعه. كانت خائفة منه أكثر من كونها قلقة عليه. هدأ، ثم جلس على طرف السرير، و حدق بالبعيد. لم يتخطى مستوى نظره حدود الغرفة، و لكن ما شعر به وصل إلى أبعد من هذا. كانت أفكاره ترغب بمساعدة كل شخص، و بأن ينشر العدل، و أن يقتل الفروق.  لكنها كانت مجرد أفكار، لا فائدة لها ما لم تتحقَّق.
"يجدر بك أن ترتاح اليوم، سوف أخبر مديرك بأنك لا تستطيع الحضور." قالت سارة بينما اتصلت على مكتب المدير، كان الخط مشغولاً، و بعد المحاولة الخامسة، ردت السكرتيرة أخيراً قائلة:"حسناً لا مشكلة. يمكنه أن لا يحضر، و لكن سوف يخصم الراتب."
"لا يهم الراتب. شكراً." قالت سارة
"يا للوقاح! أنت من أفضل الموظفين، و هكذا يردون إليك الجميل، بخصم الراتب لمرضك، و عدم تمكنك من الحضور!"، و استأذنت من أحمد بعد أن اطمأنت عليه. ذهبت إلى عملها، و ذهب أولاده إلى المدرسة. ظل وحيداً في غرفته. ضم ساقيه و وضع رأسه على ركبتيه. شعر بالتعب و الغضب. كان كل شيء يخنقه، حتى الهواء بدا ثقيلاً جداً. أشعل الطفل و الأحلام حريقاَ زادها ذنبه اشتعالاً بداخله. جلوسه هنا لن يزيد الأمر إلا سوءاً. خرج. العمل هو المكان الوحيد الذي يستطيع الذهاب إليه الآن؛ فكل الأماكن خالية، و الخلاء يوقظ كل ما ظن أنه مُسِح من ذاكرته.
قاد سيارته هذه المرة؛ لأنه لم يقدر على المشي. قاد بسرعة، لم يرغب بعبور الشارع الذي رأى الطفل قبل عدة أيام جالساً على رصيفه.
عندما وصل هناك، وجد المدير يتجول بين المكاتب. ذهل عندما رأى أحمد، سأله:"أخبرتني سمية بأنك لن تتمكن من الحضور اليوم! لماذا أنت هنا؟!" لم يرد أحمد، و لكن المدير أكمل حديثه:"أنت بالفعل من أكثر الموظفين كفاءة هنا. حتى وقت مرضك تحضر؛ كي تنجز عملك."
أمر المدير جميع الموظفين بأن يجتمعوا سريعاً في قاعة الاجتماعات. شعر برغبة في اجتناب الاجتماع، و إكمال اليوم مختبئاً خلف مكتبه، يسمع ضجيجهم، و لا يشاركهم. لكن المدير أصر. عندما وصلوا جميعاً، قال المدير:"نحن هنا اليوم من أجل شخص يجب على الجميع أن يقتدي به. هو معنا هنا، و كنت أعتقد بأنه لن يحضر، و شعرت بخيبة أمل عندما أخبرتني سمية بذلك؛ لأنني كنت سأفاتحه بأمر الترقية التي يستحقها. اعتقدت بأني أخفقت في صنع هذا القرار، و لكن عندما رأيتهُ أمامي بعدها بنصف ساعةٍ، ذُهلْت! زالت شكوكي بما يتعلق بأمر الترقية، و الآن يا أحمد أنت نائب لي."
تلقى أحمد التهنئات من الجميع. لم يفهم تماماً ما سمع. كان يريد فقط أن يختفي، و يخرج بسرعة  بينهم دون أن يصدر أي ضوضاء. احتفلوا به.  شعر بأنه مجموعة من العظام بالكاد تربطها الأربطة، و كل شيء من حوله كان يمر ببطء، و البرد الذي لم يعرف إذا كان يصدر من داخله، أو من الخارج. شعر بأن جلده أصبح  ثقيلاً و يكاد أن يسقط عنه، حتى يبين كل شيء. مادياً كان أو لا يرى، للجميع. المرض هو الموت البطيء.
بعد مدة أدرك أنه لم يكن يبتسم، و أن علامات المرض كانت ظاهرةً على وجهه. ابتسم، لم يعتقد بأنهم يستحقون كل هذا العبوس، و لم يريد أن يشعرهم بالقلق. كانوا لطفاء جداً، و لكن مزعجين بشكل لا يحتمل. أعلن المدير بقية اليوم إجازة؛ بسبب هذا الاحتفال، و منصب أحمد الجديد. "أتى القرار في وقته!" قال أحمد لنفسه. حاول أن يمشي أسرع، و لكن ساقاه لم تساعداه. لم يسلم من أسئلة الموظفين، و تعليقاتهم المكررة عن زيادة المرتب و المكتب الجديد، و العلاقة المقربة مع المدير.
ركب السيارة، و قادها حتى شعر بأنه لم يكن يقدر على التحكم بها. توقف على جانب الطريق. ندم؛ لرميه الأدوية هذا الصباح، قبل أن يتناول منها كمية قليلة. توجه لأقرب صيدلية، أخذ الدواء الذي يحتاجه الآن، ثم تناوله.
لم يكن في البيت أحد عندما وصل. خلع حذاءه و تمدد على الأريكة، لم يستطع الصعود على الدرج لغرفة نومه.
أخذه النوم، فلم يشعر بوصول زجته و الولدين. رأت سارة الدواء على الأرض، و استغربت لأنه كان لابساً بدلة العمل. رفعت الدواء، و أحضرت غطاءً و وضعته عليه. بعد فترة أيقظ الجوع أحمد. كانت الساعة السادسة مساءً.
وجدهم بالحديقة، جلس بجانبهم بعد أن ألقى التحية عليهم.
"ماذا حصل؟ هل ذهب إلى العمل اليوم؟" سألته سارة.
"نعم. بعد أن ذهبتوا جميعاً أحسست بالوحشة لوحدي. بدا كل شيء بلا لون. شعرت بأن كل حائط في المنزل يقترب مني؛ حتى حشرت في مساحة ضيقة، يزيدها نبض قلبي المتسارع، و انقباض أضلاعي عليه شعوري بالاختناق. غير الأسى، و الهموم، و الشكوك التي تزيد شعوري بالذنب." تمنى أحمد أنه قال هذا الكلام، و لكنه بقي مكتوماً في صدره. قال بدلاً من ذلك:"شعرت بالوحشة لوحدي فظننت بأن الذهاب للعمل سوف يزيل عني التعب، و يشغلني عن مرضي قليلاً."
كم أراد أن يخبرهم بما شعر؛ لكنه لم يرد أن يدخلهم في شيء لا مخرج منه.
أعدَّت له سارة العشاء، ثم حظوا بوجبة لطيفة معاً. لم تقع مشكلة بين علي و مهند كالعادة؛ لهدوئهم بسبب مرض أبيهم.
قبل أن يقوم من الطاولة قال:"اوه! نسيت أن أخبركم، حصلت على ترقية اليوم، و أصبحت نائباً للمدير."
"كم أنا سعيدة لك! لكن لماذا لم تخبرنا بذلك؟" سألته سارة.
"انشغلت بالنوم."
"مبروك أبي." قال مهند و علي، و أحضرا قائمة طويلة من الأشياء التي يريدون الحصول عليها.
أحضرت سارة قالباً من الكعك أعدته بالأمس، لم يكن من أجل هذه المناسبة المفاجئة. احتفلوا سوياً، و لكن أحمد بدأ يتغلغل الألم في منتصف رأسه؛ فاستأذن منهم.
"حان وقت النوم يا أولاد! لقد تأخرتم عن موعد نومكم المعتاد." قالت سارة لولديها.  عانق الأولاد والديهم، ثم ذهبوا إلى غرفتهم. تناول أحمد دواءه، ثم صعد لغرفته.
"سوف ألحق بك حالاً." قالت سارة لأحمد.
مدَّد أحمد جسده المنهك  على الفراش، كان الجو أكثر دفئاً من الأمس. ارتسمت على شفتيه ابتسامة عندما تذكر ما حصل له اليومك الترقية، و احتفال عائلته، و زملائه به. لم يتوقع حدوث أي شيء؛ بسبب المكالمة بين سارة و السكرتيرة التي أخبرتها بأنه سوف يخصم من راتب أحمد إذا لم يحضر.
لم يستمتع بما فيه الكفاية بكل ما حدث. كان -كالعادة- مستعجلاً، أو نصف تفكيره في أمرٍ ما، و النصف الأخر في مكان ثاني.
نام بعد أن أخذ الدواء مفعوله. رأى شاحنة كبيرة تعبر شوارع مدينة كان تائهاً فيها. توقَّفت الشاحنة عند كل بيت، و في كل مرة كانت تأخذ فرداً من هذه العائلة. كان الرجال القساة يشدُّون هذا الشخص، و هو يصرخ، و العائلة مستسلمة عند الباب تتأمل فقدانها لجزء منها، و تتحسَّر على عجزها. تكرَّر الأمر، و تكرَّر حتى لم يستطع احتمال الأمر. بدأ بجمع  الحجارة، ثم رماها على مؤخرة الشاحنة، و هو يركض خلفها. وقفت الشاحنة، ثم ترجَّل منها أحد الرجال، و أخبره بأن يبتعد، و أخرج من جيبه عصاً قصيرةً عليها مسامير؛ فهرب أحمد ، ثم اختبأ خلف شجرة. ضحك الرجل، و ركب شاحنته ثم توقَّف جانب البيت المحدد على خارطته. لبث أحمد هناك حتى اختفت الشاحنة عن أنظاره، و تركت وراءها عائلات ممزقة لن يبرأ جرحها. ثم مشىك فلمح طفلاً يحضن ركبتيه. لمَّا اقترب منه سمع صوت بكاء مكتوم. ربَّت على كتفيه، و عندما نظر الطفل إليه قال:" كيف يمكنك يا سيدي أن تحظى بكل هذا الدفء من عائلتك، و أنا هنا لا أهل لي، إلا الشارع، و ظل هذه الشجرة؟"
ثم أتى رجل صاحب الشاحنة، و سحب أحمد معه.
استيقظ أحمد فوراً، كان بالعادة عندما يحلم بالطفل يحاول الركض وراءه. لكن في هذا الحلم لم يفعل شيئاً؛ لاستسلامه و لعجزه. ذهب دون مقاومة مع الرجل.
قام، ثم وقف أمام المرآة؛ فانعكست كل النعم التي يحظى بها عليها. لم تكن الصورة مكتملة؛ فعلى الهوامش كانت العديد من الأمم تعيش على القلة، و الحرمان. لم يبكي أو يحزن أو يفعل أي شيء. خلا وجهه من كل الملامح،و في عينيه اشتعلت نيران تسعى للتغيير. أراد أن يحرم نفسه من كل شيء لا يمتلكه شخص آخر. حرم نفسه سابقاً، و لكن صورة الطفل الذي رآه ذلك الصباح ما زالت تؤرقه، قلبت الراحة إلى غضب من كل شيء.
كانت الساعة الثالثة صباحاً. وجد سارة نائمة. لم تشعر به عندما قام. ذهب إلى غرفة أولاده، و كانوا نائمين أيضاً. ظن أنهم قد يكونوا مستيقظين؛ لحل واجباتهم التي انشغلوا عنها طيلة النهار، ثم تذكَّر أن الوقت متأخر جداً، و لم يبقى إلا ثلاث ساعات حتى يستيقظوا.
أراد أن يخرج من كل هذا الزيف، و من بين كل هذه الأشياء التي سيكون مصيرها الفناء. لم يرد أن يشعر عائلته بالقلق إذا استيقظ أحدهم، و لم يجده نائماً؛ فأخذ ورقة و كتب عليها "تعرَّض صديق لي لحادث خطير، و هو بالمستشفى الآن. أبلغني أخوه عن حالته الحرجة؛ لذلك سوف أبقى عنده لفترة طويلة؛ فهو في أمس الحاجة لي. لا تقلقوا - أحمد".
ثم ألصقها على باب غرفته. أراد أن يهرب من أحلامه، من أهله، و من كل شيء يشعره بالذنب. الشمس لم تشرق بعد، و كان كل شيء هادئاً حتى جنون أفكاره؛ فبدت الأرض ضيقة، و كل طريق يعبره يعيده إلى نقطة البداية، ؛ كأن لا وجود للنهاية، و لن يشعر بنشوة الانتصار عند الوصول إليها أبداً!
استمر بالمشي. عبر شوارع و أحياء، حتى وصل إلى جزءٍ من المدينة لم يزره من قبل، و لكنه لم يلاحظ أبداً. كان تفكيره كالمخدِّر؛ أنساه تعب أقدامه، و قام بتوجيهه كيفما شاء.
أيقظه الظمأ من غيابه القصير عن الوعي قليلاً. كانت هناك حديقة قريبة، و عندما وصل إليها شرب من صنبور المياه. لم يكن معتاداً الشرب منها في السابق أذا ذهب مع علي و مهند؛ لاعتقادها بأنها متسخة جداً و مضرة بالصحة. محزنٌ كيف يتخلى الإنسان عن كل مبادئه، و ما آمن به سابقاً وقت الحاجة؛ فلا يرى غير حاجته، و لا يفكر إلا بكيفية الحصول عليها. شرب كمية كبيرة، و حرص أن لا يتبلَّل. مرَّت قطة من جانبه؛ فسكب كمية قليلة من المياه في كفيه، و جعلها تشرب.
عندما انتهى استمرت القطة باللحاق به؛ فكره فعلها. لم يرد أن ينهرها أو يخيفها؛ لعلمه بأنه سيشعر بالذنب لاحقاً، و بدأ يشعر بالقرف أصلاً من هذا الشعور المتسلَّط، خاصَّةً إذا كان بلا سبب. قبِل رفقتها رغم أنه أراد الاختلاء بنفسه.
نظر إلى ساعة يده، كانت الساعة الخامسة صباحاً، بقي ساعة على الأذان. أراد أن يرتاح بعد المشي طول هذه المدة؛ فبحث عن كرسي، ثم وجده أخيراً. جلس عليه، شعر بأنه كان ليِّناً؛ لتعب ظهره. لم يكن ينوي النوم، و لكنه غلبه بالأخير، كما تفعل كل الأشياء التي لا تذكر في حياته.
رأى نفسه في محكمة، و خلف القضبان رُبطَت يداه بعامود، و كان القاضي يتحدث مع رجل يقف أمامه، و كانت المقاعد ممتلئة، لدرجة أن كل شخص دخل لاحقاً بقي واقفاً طول الوقت.
التف الرجل الذي كان يتحدَّث مع القاضي، و اتجه نحو أحمد. كان يحمل طفلاً وُضَع غطاءٌ على وجهه، و عندما كُشفَ عنه، و أنزله على الأرض. كان هو الطفل الذي رآه بأحلامه سابقاً، الطفل الذي لم يغيب عن باله أبداً.
بدأ بالكلام، قال:" كيف يمكنك يا سيدي أن تكون بهذا الغباء؟ و أن تصدق طيفاً تراه و أنت نائم؟ العالم لا يحتاج إلى مزيد من المحرومين، و لقد سيطرت عليك شفقتك و حزنك؛ فحاولت حرمان نفسك من الكثير. العالم يحتاج إلى الحلول، و عدد المحرومين يجب أن ينقص، و أن يختفي تماماً، لا أن يزيد، و لن يحصل ذلك إلا بالعمل؛ فالجميع قادر على الكلام، و لكن ما فائدته إذا لم يتم تنفيذه؟
جعلت أمر المساعدة مقتصراً عليك، و لم تشرح معاناة هولاء الأشخاص لمن حولك. هذه الحلول لن تأتي من شخص واحد، و إن أتت سوف يصعب تنفيذها. هذه الحلول لن تنفَّذ إلا بتعاون الشعوب إذا تغاضت عن كل الفروق التي بينها، و جعلت الرابط الأساسي هو الإنسانية، و الهدف الوحيد هو إنقاذها. سيصبحوا أمةً واحدة، شعباً واحداً، جسداً واحداً، يسقط إذا تعرض جزء منه للخطر أو تألم، و لا يقوم حتى يتخلص من مصدر هذا الألم، مهما كانت طريقة التخلص منه صعبة؛ لأن القوة تكمن بالتعاون، و بالوعي التام؛ فالجهل يقتل القضيَّة."

هناك تعليق واحد:

  1. في ذلك الأفق البعيد ، أرى ضوء ساطع ، يفرض نفسه ، وكأنه يقول انظروا ومتّعوا ناظريكم ، أخي ، أنت نجم ينتظر الإنفجار في كون الإبداع ، وأنا أقرأ ، عفوًا ، وأنا أسافر في الرحلة التي صممتها ، وأخذتنا فيها ، ضعت وكأني تائه ، في آفاق رحلتك ، صدقًا ، أنتظر أول رواية ، والتي سأكون أوّل مقنتيها

    ردحذف