الجمعة، 25 مارس 2016

صراع ما قبل النوم

يتمدد على السرير، تصدر عظامه أصواتاً كرجل يبلغ السبعين، ولكنه لا يبلغ من العمر إلا 19 عاماً. حصل على أشياء كافية بجعله فخوراً بالسنين التي أمضاها في هذه الحياة، مثال: الميدالية الذهبية التي حصل عليها في مسابقة الرياضيات عندما كان بالمرحلة المتوسطة، وشهادة "أفضل طالب" التي حصل عليها في حفلة التخرج. كل هذه الأشياء والكثير غيرها، ترتطم في ذاكرته وهو يتأمل السقف. يرى كل شيء حوله بوضوح، اعتاد أن يعتقد أنه يمتلك رؤية خارقة عندما كان طفلاً، ظل محتفظاً بهذا الأمر كسِرٍّ لمدة طويلة، حتى عرف من معلمه أن الجميع يستطيع الرؤية بالظلام إذا انعكس الضوء على الأشياء. كانت هذه ثاني خيبة أمل مر بها كطفل، الأولى كانت عندما أغمض عينيه ورأى نفسه بأجنحة، وانتظر نهاراً كاملاً حتى يعبر سرب من الطيور ليحلَّق معهم، وعندما أتوا حاول الركض خلفهم، بلغ أقصى سرعة، وقفز، أغمض عينيه وأحس بنسيم بارد يلفح وجهه، لكنه ما لبث إلا ثواني حتى سقط. لا تهم هذه الذكريات الآن، ليس في هذا الوقت بالذات، ويحاول تجنبها والنوم. هو الآن موجود هنا للنوم فقط. يقلب الوسادة، ينام على جانبه الأيسر، ثم الأيمن. يتذكَّر أنه يجب عليه أن يخطط ما سيفعله بالغد بعد الانتهاء من الدراسة، يحيك الخطط بإحكامٍ، ويقسم الأوقات عليها بدقة. هذه من صفات "كل الناجحين" كما أخبروه سابقاً. لكن ما أن يبدأ بسؤال "ماذا لو...؟" حتى ينهار كل شيء، حتى يصبح يشكك في كل شيء. يبدأ بالتحدِّث إلى الله. يشعر بأن ما يفعله سخيف، ويتذكر فجأة أن الله يعرف ما بنفسه من قبل أن يقوله؛ فيسأل:"ما الفائدة إذا من هذا؟" ثم يخرج الأمر من رأسه بسهولة، لا يستطيع إخراج الأفكار من رأسه بسهولة عادةً. يتذكَّر بأن عليه النوم، يحاول إسكات كل الأصوات التي تصرخ بداخله، ويغمض عينيه بقوة. يبدأ الإلهام، الأحاديث السابقة، الغرباء الذين رآهم، الكلمات التي لم يكتبها، خوفه الدائم من الفشل بالظهور فجأة على هيأة قطار يصدم برأسه، وكل قطعة من هذا الهيكل الصلب يجعله يفكر به ثانية ثم ينتقل إلى غيره بتسلسلٍ منظم يُنسيه ما هو موجود الآن من أجله؛ النوم.
فجأة: خطوط بيضاء، سواد يستمر لساعات، صوت صاعقة يفزعه، أوه كان هذا صوت المنبه.
بداية يوم جديد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق