السبت، 10 يونيو 2017

رقم آخر

يمشي مجموعة من الرجال بالممرات الضيقة بين الخيم المتجاورة. يرتدون سترات زرقاء بأحرف لا أستطيع تمييزها. يهمس للمشرف على الملجأ ببعض الكلمات، ويرد عليه الآخر؛ فيكتب على ورق يحمله. للورق استخدامات أخرى هنا، بالذات مواراة ما يضيق صدورهم ويجلب الحزن لأنفسهم. يبتسم بوجه طفل، ويسأل امرأة يلعب أطفالها بالطين خارج الخيمة عما تحتاجه، ولا تجيب إلا بفرك راحتيها على كتفيها من البرد. يواري أحدهم دمعة خانته وسقطت. 
يخرجون مع البيانات التي جمعوها، والأسئلة حولنا التي كانت إجابتها لا تزيد عن "اثنان..ثلاثة. مات أربع أطفال مؤخراً."، ويعودون كل فترة، ويكررون الأمر. أستطيع رؤية الإحصائيات والأعداد الموجودة تحت صور جثث أشخاص ضحى بهم العالم، وأستطيع رؤية الحزن المؤقت غالبًا على وجوههم وهم تحت سقوف ما زالت قائمة. أستطيع سماع مآسينا تردد على منابر المساجد، وفي المدارس. أستطيع سماع دروس تلقى للعظة والعبرة عنا وعن أحزاننا كجماعات. لكن أنا موجود، وأفكر، أشعر، وأتأمل. أنا أمثل كيانًا لوحدي، كان عائشًا كالجميع ولكن مات داخله الكثير. كيان بأحلام نحتت عظامها الأيام حتى أصبحت عاجزة عن الحركة، واحدودب ظهرها، ونجوم خفت ضوؤها.
أيها العالم، أنا لست مجرد رقم آخر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق