الأحد، 27 أغسطس 2017

بالثلاثة

من كان ليتصور أن وقع تلك العبارة عليها للمرة الثالثة لن يمتلك التأثير نفسه؟ من كان ليتصور أصلًا أنها بعد لحظاتٍ من خروجه ابتسمت لعدة ثوانٍ؟
تتذكر تمامًا كيف خرجت الكلمتان متتابعتان بغضب جامح عليها في المرة الأولى. هكذا قالها:"أنتِ طالق!" ثم خرج. حينها شعرت بصفعة على خدها، ورأت جميع أبواب الدنيا تُغلق أمامها. كانت تَرجُم رأسها بالأسئلة: كيف سأخبر أهلي؟ كيف ستكون ردة فعل والدي؟ ماذا سيحل بابني؟ ماذا سيقول الناس؟ وبعد لحظات، وعندما تمالكت نفسها، أخبرت والدتها. ما زالت شهقتها تتردد على مسامعها كلما تتذكر ذلك اليوم. بدأت بلومها، وإخبارها كم هي غبية، وأنها كان يجب عليها أن تفكر بابنها قبل أن يصدر منها أي شيء. أمرتها بالمكوث مكانها ومحاولة إرضائها بينما تكلم والدته. إنها النهاية. عادت الأسئلة بثقل ظلها. "إذا كانت تلك ردة فعل أمي؛ فماذا سيقول الناس؟" اللعنة على هذا السؤال الذي يتربص بنا ويؤرقنا ويثقل وجودنا. بنفس تلك اللحظة كانت تخبره أمه بأنه ليس بحاجة إليها، وأنها هي من تحتاجه. 
في المرة الثانية كان وقع العبارة عليها أخف. رأت ضعف أسس هذا الزواج منذ البداية. أعادت أمها نفس الأسطوانة، ولكن أضافت عليها بأن الثالثة إن أتت ستكون الأخيرة. لم يُلقَ اللوم عليه بالطبع، إلا أن بعض أصدقائه أمروه بالصبر والتريث قبل النطق بتلك العبارة بالمرة القادمة. لكن عندما كررها للمرة الثالثة، شعرت بأن جبلًا انزاح عن كتفيها. أخبرته والدته عندما أطلعها على الأمر أنها ليست آخر امرأة. لكنها لم تحتاج أن تطلع أمها، أو أن تبدأ بلوم نفسها والتفكير بعاقبة الأمر. كانت تعلم بقرارة نفسها، حتى عندما قبلت وقت عقد القران، أنها ليست مستعدة لهذا. إن السبب الذي استمر بثقل كاهلها كلما فكرت بالنظر إلى الباب وهجر كل شيء كما كان يفعل عادة عند ولادة أي عائق أمامهم كان ابنها. امتص جلدها الأمر الذي أقنعوها بها؛ بأنه لا داعٍ لوجودها بأكمله إن لم تمضيه مع رجل. لم يكن بتلك اللامبالاة. كان يكترث بأمر ابنه بالطبع، أحيانًا. لكن ما كان يهمه هي العلاقة الجسدية التي تشاركها معها، والتي تجبره على العودة كل ليلة.  

حملت حقيبتها وأمسكت بيد ابنها ثم عبرت الباب. أدركت لحظتها أنها ليست نهاية العالم، وأنها لا تحتاج ظل رجل لتمضي قدمًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق