الجمعة، 22 ديسمبر 2017

إنهاك

كانت عبارات كـ"تقدر! يمكنني رؤية ذلك." تلتصق بجسده كلما صرَّح بأنه على وشك التوقف بينما يخطو خطوات مرتعشة -كالعادة- في هذا العالم. سئم سماعها، وسئم حرص جلده على التمسك بها، وتحمل جوفه على ابتلاعها بمرارة كل مرة.
رغم كل هذا الحرص إلا أن كل جزء في جسده - سواء أدرك ذلك أو لا- أراد أن يتوقف، أو بالأحرى احتاج إلى ذلك. لا يخشى من التصريح بأنه لا يهتم بما تبقى من الطريق. أراد أن يتوقف للحظات؛ فهذا الجري الذي يبدو أنه سيمتد كتمدد الكون أنساه القدرة أن يعيش دونه. إنه منهك، ولا يحتاج أن يخبره أحد بأنه قادر. إنه منهك، وآثار التعب تمتد من تقوس ظهره إلى الهالة الكئيبة المحيطة بعينيه. إنه منهك، ولا يريد أن يسمع صوتًا، خاصة من داخله. إن تلك الأصوات اللعينة التي تزاد حدتها كلما يأخذ نفسه بصعوبة يجب أن تخمد أو أن تموت، لكنها خالدة كبؤس هذا العالم، ومحاولات إسكاتها تعمل عملًا مضادًا. إنه منهك، ويتحمل ارتطام سواد أفكاره بسُكْرٍ داخل رأسه. إنه منهك، وأصابعه التي تتمسك بفناء الحياة أصبحت مزرقة. إنه منهك، ويحاول بصعوبة نزع جلد الغيرة اللزج عن أحلامه.
إنه منهك، ويحتاج أن يتوقف، هكذا وبكل بساطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق